
القنيطرة..إزالة الأطناف والأكشاك بين الفوضى وتحديات التنظيم المستقبلي
ليلى أمزير
شهدت مدينة القنيطرة في الآونة الأخيرة حملة مكثفة لإزالة الأكشاك وأطناف المتاجر غير المرخصة التي تنتشر بشكل كبير في المدينة. هذه الحملة أثارت جدلاً واسعًا بين السكان، بين مؤيد يرى فيها خطوة ضرورية لتنظيم المدينة، ومعارض ينتقد الطريقة العشوائية التي تمت بها الإزالة. وفي ظل هذه الحملة، تطفو على السطح تساؤلات عديدة حول الطريقة العشوائية التي تتم بها هذه الإزالة، والآثار السلبية التي تتركها على المدينة وسكانها.
الحملة لم تستهدف فقط أصحاب الأكشاك، بل شملت أيضًا أصحاب المحلات الذين لم يقوموا بتسوية وضعيتهم الضريبية. لكن السؤال الأكبر يبقى: لماذا لم يتم تنظيم هذه الوضعية منذ سنوات طويلة؟ ومن كان يستفيد من هذه الفوضى العمرانية والاقتصادية؟ وما هي الحلول المستقبلية لتجنب تكرار هذه الفوضى؟
فوضى وعشوائية
بدأت حملة إزالة الأطناف في القنيطرة كجزء من جهود بلدية المدينة لتنظيم الفضاء العام وتحسين المظهر الحضري. ومع ذلك، تم تنفيذ الحملة بشكل عشوائي إلى حد كبير، حيث تمت إزالة العديد من الأكشاك دون سابق إنذار، ودون توفير بدائل مناسبة لأصحابها. هذا الأمر تسبب في حالة من الغضب والاستياء بين أصحاب هذه الأكشاك، الذين يعتمدون عليها كمصدر رئيسي للدخل.
كما أن طريقة الإزالة أثارت تساؤلات حول مدى عدالة الإجراءات، حيث تمت إزالة بعض الأكشاك بينما تم التغاضي عن أخرى، مما أثار شكوكًا حول وجود محسوبية أو فساد في تنفيذ الحملة. بالإضافة إلى ذلك، تم تنفيذ حملة الإزالة باستخدام معدات ثقيلة مثل الجرافات (الطراكس)، مما أدى في كثير من الأحيان إلى تدمير البنية التحتية المحيطة، وحتى إلحاق أضرار بواجهات بعض المحلات، وأيضا في عرقلة حركة السير في المناطق التي تمت فيها العملية، مما زاد من حالة الفوضى التي تعيشها المدينة. بدلاً من أن تبدو القنيطرة مدينة يتم تنظيمها، بدت وكأنها في حالة حرب، مع انتشار الأنقاض ومخلفات الهدم والأتربة في الشوارع.
من كان يستفيد من الفوضى؟
أحد الأسئلة التي تطرح نفسها بقوة هو: لماذا لم تتم تسوية وضعية هذه الأطناف والمحلات منذ سنوات طويلة؟ من الواضح أن الفوضى العمرانية والاقتصادية التي كانت تعيشها المدينة لم تكن وليدة الصدفة، بل كانت نتيجة لتراخي الجهات المعنية في فرض القانون وتنظيم الفضاء العام. فمن كان يستفيد من هذه العشوائية؟ هل هي جهات معينة كانت تتغاضى عن المخالفات مقابل مصالح شخصية؟ أم أن الأمر يتعلق بغياب إرادة سياسية حقيقية لمعالجة هذه المشكلة المزمنة؟
ماذا بعد الحملة؟
السؤال الأهم الآن هو: ما هي الخطوات التالية؟ هل ستقتصر الحملة على الإزالة فقط، أم سيتم تنظيم الأطناف بشكل موحد على مستوى المدينة؟ أم أن الأمر سيقتصر على الإزالة العشوائية كلما تراكمت المخالفات؟ إذا كانت الإجابة هي الاستمرار في الإزالة دون تنظيم، فإن المدينة ستظل تعيش في حلقة مفرغة من الفوضى، حيث سيتم هدم الأطناف وإزالتها في كل مرة يتهرب أصحابها من دفع الضرائب أو تسوية وضعيتهم القانونية.
هناك آمال كبيرة بأن تقوم البلدية بتبني خطة شاملة لتوحيد الأطناف وتنظيمها، وتوفير تراخيص رسمية لأصحابها. هذا النهج سيساعد في الحفاظ على المظهر الحضري للمدينة، وفي نفس الوقت يوفر فرص عمل منظمة للعديد من العائلات.
حملة إزالة الأطناف في القنيطرة كانت خطوة جريئة لتنظيم المدينة، لكنها كشفت عن مشاكل عميقة تتعلق بغياب التنظيم وتراكم المخالفات على مر السنين. الآن، يتطلع سكان المدينة إلى رؤية خطوات ملموسة لتنظيم الفضاء العام بشكل عادل ومنظم، مع توفير بدائل اقتصادية لأصحاب الأطناف والمحلات المتضررة. فقط من خلال خطة شاملة ومتوازنة يمكن تحقيق التوازن بين التنظيم الحضري والعدالة الاجتماعية، وتجنب تكرار الفوضى التي تعيشها المدينة اليوم.