
هل يكون مجلس جماعة القنيطرة أول من يقدم استقالة شاملة في المغرب؟
متابعة- ليلى أمزير
تحولت مدينة القنيطرة في الآونة الأخيرة إلى نموذج صارخ لسوء التسيير والتخبط السياسي، حيث يعيش مجلسها الجماعي حالة غير مسبوقة من الفوضى والعجز، مما أثر بشكل مباشر على حياة المواطنين. وبينما كان من المفترض أن تكون المجالس الجماعية رافعة للتنمية المحلية، أصبحت القنيطرة مثالًا على كيفية تلاعب السياسيين بمصير السكان، وسط صراعات داخلية وقرارات قضائية زلزلت المشهد السياسي المحلي.
أحداث استثنائية تكشف عمق الأزمة
في الشهور الأخيرة، عرفت المدينة سلسلة من التطورات الدراماتيكية التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ التدبير الجماعي بالمغرب. فقد شهد المجلس الجماعي إعفاء رئيسه السابق أنس البوعناني إلى جانب أعضاء آخرين بقرارات قضائية، مما فتح الباب أمام انتخابات فرعية لم تمر بسلاسة. بل إن المرشح المنافس وجد نفسه خلف القضبان قبل أن يتمكن حتى من وضع ملف ترشحه، لتنتهي الانتخابات في ظل أجواء مشحونة أثارت استياء الساكنة.
لم يقتصر الأمر على ذلك، إذ سرعان ما فقدت الرئيسة الجديدة أغلبيتها داخل المجلس، وهو ما أدى إلى فشل عقد الدورة العادية الأولى بسبب غياب عدد كبير من الأعضاء من كلا الطرفين، سواء من الأغلبية أو المعارضة. هذه الوضعية وضعت المدينة في حالة من الشلل السياسي، حيث أصبح من المستحيل تمرير قرارات أو تنفيذ مشاريع تنموية حقيقية.
المواطن القنيطري… الضحية الأولى لهذا العبث
في ظل هذه الأجواء المشحونة، كان المواطن القنيطري هو المتضرر الأكبر. فنتيجة غياب التسيير الفعّال، تفاقمت مشاكل النظافة وتدهورت وضعية الإنارة العمومية، مما انعكس سلبًا على جودة الحياة اليومية في المدينة. لولا تدخل السلطة المحلية، التي قامت بإنقاذ قطاع النظافة، والمجهودات التي بذلتها بعض الجمعيات المدنية، لكان الوضع أكثر كارثية.
أما فيما يتعلق بالإنارة العمومية، فقد جاءت حملة العامل كإجراء طارئ لتدارك بعض الأحياء التي غرقت في الظلام نتيجة غياب أي تدخل من طرف المجلس الجماعي. ومع ذلك، فإن هذه الحلول المؤقتة لا يمكن أن تعوض غياب رؤية واضحة لإدارة الشأن المحلي.
هل الاستقالة الجماعية هي الحل؟
أمام هذه الفوضى العارمة، يطرح السؤال نفسه: هل يمكن لمجلس عاجز حتى عن تنظيم اجتماعاته أن يتحمل مسؤولية تدبير مدينة بحجم القنيطرة؟ الإجابة تبدو واضحة: لا حل إلا بالاستقالة الجماعية وإعادة الانتخابات.
الرئيسة الحالية فشلت في تحصين أغلبيتها وفي ضبط إيقاع المجلس، ولم تقدم سوى حلول ترقيعية مثل محاولة دفع بعض الأعضاء إلى الاستقالة، وهو ما يعكس ضعف قدرتها على التعامل مع الأزمة. لذلك، فإن الخيار الأكثر منطقية يتمثل في تقديمها استقالتها كخطوة أولى نحو تصحيح المسار.
كما أن استقالة شاملة لأعضاء المجلس، سواء من الأغلبية أو المعارضة، ستفتح الباب أمام انتخابات جديدة قد تكون فرصة لإعادة تشكيل مجلس قادر على تحمل مسؤولياته وإعادة بناء جسور الثقة بين المؤسسات المنتخبة والمواطنين.
إذا تحقق هذا السيناريو، فإن جماعة القنيطرة قد تدخل التاريخ كأول مجلس جماعي يقدم استقالة شاملة في المغرب، مما سيشكل سابقة في التدبير المحلي.
هل يكون التغيير قادمًا؟
تبقى الآمال معلقة على أن تكون هذه الأزمة درسًا تستفيد منه النخب السياسية في المدينة، وأن تكون هذه المحطة نقطة تحول نحو مستقبل أفضل. القنيطرة تحتاج إلى مسؤولين حقيقيين يحملون همّ التنمية المحلية بعيدًا عن الحسابات السياسية الضيقة، وإلا فإن الوضع لن يزيد إلا سوءًا، ليظل المواطن القنيطري يدفع ثمن صراعات لا علاقة له بها.
فهل تشهد المدينة تغييرًا حقيقيًا؟ أم أن مسلسل الفوضى سيستمر، لتغرق القنيطرة أكثر في دوامة العجز والتخبط؟